فصل: بَابُ الِانْتِقَالِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المبسوط



.بَابُ الِانْتِقَالِ:

قَالَ: رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الِانْتِقَالُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: انْتِقَالُ مَوْضِعٍ، وَانْتِقَالُ عَدَدٍ وَلَا يَحْصُلُ الِانْتِقَالُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى مَا لَمْ تَرَ مَرَّتَيْنِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ يَحْصُلُ انْتِقَالُ الْعَادَةِ قَالَ: لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعَادَةِ يَحْصُلُ بِالْمَرَّةِ فَيَكُونُ كَذَلِكَ انْتِقَالُهَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ صَاحِبَةُ بَلْوَى، وَفِي الِانْتِقَالِ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ تَيْسِيرٌ عَلَيْهَا فَكَانَ الْقَوْلُ بِهِ أَوْلَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ}؛ وَلِأَنَّ الْمَرَّةَ الْأَخِيرَةَ مُتَّصِلَةٌ بِالِاسْتِمْرَارِ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْعَادَةِ فِي زَمَانِ الِاسْتِمْرَارِ فَتَرَجَّحَ مَا كَانَ مُتَّصِلًا بِالِاسْتِمْرَارِ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَرَّةَ لِصِحَّتِهَا صَارَتْ فَاصِلَةً بَيْنَ زَمَانِ الِاسْتِمْرَارِ، وَمَا تَقَدَّمَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَا: الْعَادَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْعَوْدِ وَلَنْ يَحْصُلَ الْعَوْدُ بِدُونِ التَّكْرَارِ؛ وَلِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَنْسَخُهُ إلَّا مَا هُوَ مِثْلُهُ أَوْ فَوْقُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} وَالْأَوَّلُ مُتَأَكِّدٌ بِالتَّكْرَارِ فَلَا يَنْسَخُهُ إلَّا مَا هُوَ مِثْلُهُ فِي التَّأَكُّدِ وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْعَادَةِ وَانْتِقَالِهَا ثُمَّ نَبْدَأُ بِبَيَانِ انْتِقَالِ الْمَوْضِعِ فَنَقُولُ: هُوَ نَوْعَانِ: تَارَةً يَكُونُ بِالرُّؤْيَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ عَادَتِهَا مَرَّتَيْنِ وَتَارَةً يَكُونُ بِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ مَرَّتَيْنِ وَبَيَانُ ذَلِكَ امْرَأَةٌ حَيْضُهَا عَشَرَةٌ وَطُهْرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ طَهُرَتْ مَرَّةً خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ عَشَرَةً فَهَذِهِ الْعَشَرَةُ حَيْضٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَتَنْتَقِلُ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ إلَى مَوْضِعِ الرُّؤْيَةِ، وَفِي الطُّهْرِ إلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا تَكُونُ هَذِهِ الْعَشَرَةُ حَيْضًا لَهَا، وَلَكِنْ يَتَوَقَّفُ أَمْرُهَا عَلَى الرُّؤْيَةِ فِي أَيَّامِ عَادَتِهَا فِي الثَّانِي فَإِنْ رَأَتْ تَبَيَّنَّ أَنَّ مَا سَبَقَ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا، وَإِنْ لَمْ تَرَ بِأَنْ طَهُرَتْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ بَعْدَ هَذِهِ الْعَشَرَةِ ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ عَشَرَةً تَبَيَّنَّ أَنَّ الْعَشَرَةَ الْأُولَى كَانَتْ حَيْضًا؛ لِأَنَّهَا رَأَتْ خِلَافَ عَادَتِهَا فِي الْمَوْضِعِ مَرَّتَيْنِ وَالْعَدَدُ بِحَالِهِ فَانْتَقَلَتْ عَادَتُهَا إلَى مَوْضِعِ الرُّؤْيَةِ وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ ثَلَاثَةً وَفِي الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَطَهُرَتْ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا فَهَذِهِ لَمْ تَرَ مَرَّةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَيَّامِ عَادَتِهَا مَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا لَهَا فَتُصَلِّي إلَى مَوْضِعِ حَيْضِهَا، وَمَوْضِعُ حَيْضِهَا الْأَوَّلِ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَمَوْضِعُ حَيْضِهَا الثَّانِي مِنْ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ إلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ حَتَّى إذَا طَهُرَتْ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَقَدْ وَافَقَ الِاسْتِمْرَارُ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا الثَّانِي فَيَجْعَلُ ثَلَاثَةً حَيْضًا وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا.
وَإِنْ طَهُرَتْ أَرْبَعَةً وَثَلَاثِينَ فَلَمْ تَرَ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْوَلَاءِ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ مِنْ أَيَّامِهَا الثَّانِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا فَانْتَقَلَتْ عَادَتُهَا إلَى أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ مَرَّتَيْنِ فَتَكُونُ الثَّلَاثَةُ مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ حَيْضًا لَهَا أَلَا تَرَى أَنَّ امْرَأَةً عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ عَشَرَةٌ، وَفِي الطُّهْرِ عِشْرِينَ فَحَبِلَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ عَشَرَةٌ، وَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَهَذِهِ الْعَشَرَةُ وَالشَّهْرُ الَّذِي يَلِيهَا نِفَاسُهَا ثُمَّ بَعْدَهُ عِشْرُونَ طُهْرُهَا ثُمَّ عَشَرَةٌ حَيْضُهَا فَقَدْ انْتَقَلَتْ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ إلَى آخِرِهِ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ مِرَارًا فِي زَمَانِ الْحَبَلِ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْعَادَةَ تَنْتَقِلُ بِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ مَرَّتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْبَدَلِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى صَاحِبَةُ الْعَادَةِ الْمَعْرُوفَةُ إذَا لَمْ تَرَ فِي أَيَّامِهَا مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا، وَرَأَتْ بَعْدَ أَيَّامِهَا مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَتَوَقَّفُ حُكْمُ مَا رَأَتْ عَلَى مَا تَرَى فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ رَأَتْ فِي مَوْضِعِ عَادَتِهَا تَبَيَّنَّ أَنَّ مَا سَبَقَ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا، وَإِنْ رَأَتْ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي مِثْلَ مَا رَأَتْ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ تَبَيَّنَّ أَنَّ مَا سَبَقَ كَانَ حَيْضًا وَانْتَقَلَتْ عَادَتُهَا، وَكَانَ لَا يَجُوزُ الْإِبْدَالُ؛ لِأَنَّ فِي الْإِبْدَالِ إبْهَامَ نَقْلِ الْعَادَةِ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَأَمَّا مُحَمَّدٌ قَالَ: إذَا رَأَتْ بَعْدَ أَيَّامِهَا مَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا جُعِلَ حَيْضًا بَدَلًا عَنْ أَيَّامِهَا إذَا أَمْكَنَ الْإِبْدَالُ وَالْإِمْكَانُ بِأَنْ يَبْقَى إلَى مَوْضِعِ حَيْضِهَا الثَّانِي بَعْدَ الْإِبْدَالِ أَقَلُّ مُدَّةِ الطُّهْرِ، وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرُ سَوَاءٌ كَانَ الطُّهْرُ خَالِصًا أَوْ فِيهِ اسْتِمْرَارٌ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ الْإِبْدَالِ مِنْ طُهْرِهَا دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ نَظَرَ.
فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَجُرَّ مِنْ مَوْضِعِ حَيْضِهَا الثَّانِي مَا يُضَمُّ إلَى مَا فِي الطُّهْرِ فَيَكُونُ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَيَبْقَى بَعْدَ الْجَرِّ مِنْ مَوْضِعِ حَيْضِهَا الثَّانِي مَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا يُبَدَّلُ لَهَا أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا يُبَدَّلُ لَهَا وَتُصَلِّي إلَى مَوْضِعِ حَيْضِهَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْإِمْكَانِ، وَالْإِمْكَانُ مَوْجُودٌ إذَا بَقِيَ بَعْدَ الْإِبْدَالِ مُدَّةَ طُهْرٍ تَامٍّ أَوْ أَمْكَنَ تَتْمِيمُهُ بِالْجَرِّ؛ لِأَنَّ عَادَةَ الْمَرْأَةِ لَا تَبْقَى عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَكِنَّهَا تَتَقَدَّمُ تَارَةً، وَتَتَأَخَّرُ أُخْرَى وَكَانَ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ يَقُولَانِ بِالْبَدَلِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِطَرِيقِ الطَّرْحِ لَا بِطَرِيقِ الْجَرِّ وَبَيَانُهُ إذَا كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ الْإِبْدَالِ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَطْرَحَ مِنْ أَيَّامِ الْبَدَلِ مَا يُضَمُّ إلَى بَاقِي الطُّهْرِ فَيُتِمُّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَيَبْقَى مِنْ مَوْضِعِ الْبَدَلِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا يُبَدَّلُ لَهَا، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ ذَلِكَ لَا يُبَدَّلُ لَهَا وَقَالَا: هَذَا الْوَجْهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّغْيِيرَ فِيهِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَفِي الْجَرِّ التَّغْيِيرُ فِي مَوْضِعَيْنِ وَجَوَازُ التَّغْيِيرِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ فَإِذَا كَانَ يَرْتَفِعُ ذَلِكَ بِالْمَرَّةِ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ فِي مَوْضِعَيْنِ وَعَدَدُ الْبَدَلِ دُونَ عَدَدِ الْأَصْلِ وَبَيَانُهُ فِي التَّيَمُّمِ مَعَ الْوُضُوءِ وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ الْكَبِيرُ وَأَبُو يَعْقُوبَ الْغَزَالِيُّ يَقُولَانِ بِالْبَدَلِ إذَا كَانَ يَبْقَى بَعْدَ الْإِبْدَالِ إلَى مَوْضِعِ حَيْضِهَا الثَّانِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ ذَلِكَ لَا يُبَدَّلُ لَهَا؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْبَدَلِ لِيَكُونَ الدَّمُ الْمَرْئِيُّ بَيْنَ طُهْرَيْنِ تَامَّيْنِ فَإِذَا وُجِدَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ يُبَدَّلُ لَهَا وَإِلَّا فَلَا.
وَبَيَانُهُ مِنْ الْمَسَائِلِ امْرَأَةٌ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ خَمْسَةٌ وَطُهْرُهَا عِشْرُونَ طَهُرَتْ مَرَّةً اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ يُجْعَلُ حَيْضُهَا مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ ثَلَاثَةً؛ لِأَنَّهَا رَأَتْ فِي أَيَّامِهَا مَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا فَإِنْ طَهُرَتْ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تُصَلِّي إلَى مَوْضِعِ حَيْضِهَا الثَّانِي، وَذَلِكَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُبَدَّلُ لَهَا خَمْسَةٌ مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْإِبْدَالِ إلَى مَوْضِعِ حَيْضِهَا الثَّانِي سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَكَذَلِكَ إنْ طَهُرَتْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا أَوْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تُصَلِّي إلَى مَوْضِعِ حَيْضِهَا الثَّانِي، وَذَلِكَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُبَدَّلُ لَهَا خَمْسَةٌ مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْإِبْدَالِ إلَى مَوْضِعِ حَيْضِهَا الثَّانِي سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
وَكَذَلِكَ إنْ طَهُرَتْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا أَوْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ يُبَدَّلُ لَهَا خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَتَدَعُ خَمْسَةً وَتُصَلِّي خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ تَدَعُ خَمْسَةً وَتُصَلِّي عِشْرِينَ فَإِنْ طَهُرَتْ سِتَّةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي زَيْدٍ وَأَبِي يَعْقُوبَ لَا يُبَدَّلُ لَهَا؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْإِبْدَالِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَكِنَّهَا تُصَلِّي مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ تَدَعُ خَمْسَةً وَتُصَلِّي عِشْرِينَ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُبَدَّلُ لَهَا خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِبْدَالَ بِطَرِيقِ الْجَرِّ مُمْكِنٌ فَيَجُرُّ مِنْ مَوْضِعِ حَيْضِهَا الثَّانِي يَوْمًا إلَى بَقِيَّةِ طُهْرِهَا لِيُتِمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ فَتَدَعُ مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ خَمْسَةً بِطَرِيقِ الْبَدَلِ ثُمَّ تُصَلِّي خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ تَدَعُ أَرْبَعَةً ثُمَّ تُصَلِّي عِشْرِينَ ثُمَّ تَدَعُ خَمْسَةً وَتُصَلِّي عِشْرِينَ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَفْصٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يُبَدَّلُ لَهَا بِطَرِيقِ الطَّرْحِ فَتَدَعُ مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ أَرْبَعَةً ثُمَّ تُصَلِّي خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ تَدَعُ خَمْسَةً وَتُصَلِّي عِشْرِينَ وَكَذَلِكَ إنْ طَهُرَتْ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ، فَهُوَ فِي التَّخْرِيجِ كَمَا بَيَّنَّا، وَإِنْ طَهُرَتْ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ لَا يُبَدَّلُ لَهَا بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ بَعْدَ الْإِبْدَالِ يَبْقَى مِنْ الطُّهْرِ اثْنَا عَشَرَ فَإِنْ جَرَرْت إلَيْهِ ثَلَاثَةً لَا يَبْقَى مِنْ مَوْضِعِ حَيْضِهَا الثَّانِي مَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا.
وَإِنْ ضَمَمْت مِنْ أَيَّامِ الْبَدَلِ ثَلَاثَةً لَا يَبْقَى مَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا فَلَا يُبَدَّلُ لَهَا وَلَكِنَّهَا تُصَلِّي إلَى مَوْضِعِ حَيْضِهَا الثَّانِي، وَذَلِكَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ تَدَعُ خَمْسَةً وَتُصَلِّي عِشْرِينَ وَكَمَا يَجُوزُ الْإِبْدَالُ بَعْدَ أَيَّامِهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَجُوزُ قَبْلَ أَيَّامِهَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ دَمًا عَقِيبَ طُهْرٍ صَحِيحٍ لَا اسْتِمْرَارَ فِيهِ حَتَّى إذَا صَلَّتْ فِي شَيْءٍ مِنْ الطُّهْرِ الْمُتَقَدِّمِ بِالدَّمِ لَا يُبَدَّلُ لَهَا قَبْلَ أَيَّامِهَا.
بَيَانُهُ: امْرَأَةٌ حَيْضُهَا خَمْسَةٌ وَطُهْرُهَا عِشْرُونَ طَهُرَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ رَأَتْ خَمْسَةً دَمًا ثُمَّ طَهُرَتْ أَيَّامَهَا فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَجْعَلُ الْخَمْسَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ حَيْضَهَا بَدَلًا عَنْ أَيَّامِهَا، وَلَوْ طَهُرَتْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ثُمَّ رَأَتْ سِتَّةً دَمًا ثُمَّ طَهُرَتْ أَيَّامَهَا لَمْ يُبَدَّلْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الْمُتَقَدِّمِ؛ لِأَنَّهَا صَلَّتْ فِي يَوْمٍ مِنْهُ بِالدَّمِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الْخَامِسَ عَشَرَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُبَدَّلُ لَهَا مِثْلُ أَيَّامِهَا أَوْ أَقَلُّ مِنْ أَيَّامِهَا بِقَدْرِ الْمُمْكِنِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَدَّلَ لَهَا أَكْثَرُ مِنْ أَيَّامِهَا إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ طُهْرَيْنِ صَحِيحَيْنِ لَا اسْتِمْرَارَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى جَعْلِ الزِّيَادَةِ حَيْضًا ابْتِدَاءً فَمَا لَمْ يَكُنْ مَرْئِيًّا بَيْنَ طُهْرَيْنِ صَحِيحَيْنِ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ حَيْضًا ابْتِدَاءً فَإِنْ أَمْكَنَ الْإِبْدَالُ قَبْلَ أَيَّامِهَا، وَبَعْدَ أَيَّامِهَا يُبَدَّلُ لَهَا قَبْلَ أَيَّامِهَا؛ لِأَنَّهُ أَسْرَعُهُمَا إمْكَانًا وَبَيَانُهُ إذَا كَانَتْ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ ثَلَاثَةً، وَفِي الطُّهْرِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَطَهُرَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ ثَلَاثَةً ثُمَّ طَهُرَتْ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ فَإِنَّهَا لَمْ تَرَ فِي أَيَّامِهَا شَيْئًا فَتُبَدَّلُ لَهَا الثَّلَاثَةُ الَّتِي رَأَتْهَا بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهَا مَرْئِيَّةٌ بَعْدَ طُهْرٍ صَحِيحٍ فَكَانَ إمْكَانُ الْبَدَلِ فِيهِ قَائِمًا فَلِهَذَا يُبَدَّلُ لَهَا تِلْكَ الثَّلَاثَةُ دُونَ مَا رَأَتْهُ بَعْدَ أَيَّامِهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

.بَابُ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ:

(قَالَ): رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى اعْلَمْ بِأَنَّ صَاحِبَةَ الْعَادَةِ الْمَعْرُوفَةِ إذَا رَأَتْ الدَّمَ زِيَادَةً عَلَى عَادَتِهَا الْمَعْرُوفَةِ تَجْعَلُ ذَلِكَ حَيْضًا مَا لَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَ الْحَيْضِ فَإِنْ جَاوَزَ رُدَّتْ إلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا فَيُجْعَلُ ذَلِكَ حَيْضَهَا وَمَا سِوَاهُ اسْتِحَاضَةٌ؛ لِأَنَّ طَبْعَ الْمَرْأَةِ لَا يَكُونُ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ فَيَزْدَادُ حَيْضُهَا تَارَةً بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ طَبْعِهَا، وَيَنْقُصُ أُخْرَى بِضَعْفِ طَبْعِهَا، وَأَمْرُ الْحَيْضِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْإِمْكَانِ فَإِذَا لَمْ تُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ فَالْإِمْكَانُ قَائِمٌ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ جَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَقَدْ صَارَتْ مُسْتَحَاضَةً لَمَّا رَأَتْ زِيَادَةً عَلَى الْعَشَرَةِ قَالَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا»؛ وَلِأَنَّ مَا رَأَتْهُ بَعْدَ مَعْرُوفِهَا تَبَعٌ لِمَعْرُوفِهَا لَمْ يُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ وَحُكْمُ التَّبَعِ حُكْمُ الْمَتْبُوعِ فَأَمَّا بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ تَجَاذَبَهُ جَانِبَانِ فَإِنَّ اعْتِبَارَهُ بِأَيَّامِهَا يَجْعَلُهُ حَيْضًا وَاعْتِبَارُهُ بِمَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ يَجْعَلُهُ اسْتِحَاضَةً فَيَتَرَجَّحُ هَذَا الْجَانِبُ؛ لِأَنَّهُ مَا ظَهَرَ إلَّا عِنْدَ ظُهُورِ هَذِهِ الِاسْتِحَاضَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ لِدَاءٍ فِي بَاطِنِهَا فَإِنْ جَاءَتْ الْمَرْأَةُ تَسْتَفْتِي فَقَالَتْ: كَانَتْ عَادَتِي فِي الْحَيْضِ خَمْسَةً، وَالْآنَ أَرَى الدَّمَ فِي الْيَوْمِ السَّادِسِ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ مَشَايِخُنَا قَالَ أَئِمَّةُ بَلْخِي أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِالِاغْتِسَالِ وَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ حَالَ الزِّيَادَةِ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ فَلَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ مَعَ التَّرَدُّدِ؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَا تَكُونُ حَيْضًا إلَّا بِشَرْطٍ، وَهُوَ الِانْقِطَاعُ قَبْلَ أَنْ يُجَاوِزَ الْعَشَرَةَ، وَذَلِكَ مَوْهُومٌ فَلَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ مَوْهُومٍ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: لَا تُؤْمَرُ بِالِاغْتِسَالِ وَالصَّلَاةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهَا عَرَفْنَاهَا حَائِضًا بِيَقِينٍ وَفِي خُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضِ شَكٌّ، وَدَلِيلُ بَقَائِهَا حَائِضًا ظَاهِرٌ، وَهُوَ رُؤْيَةُ الدَّمِ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَا تَكُونُ اسْتِحَاضَةً إلَّا بِشَرْطِ الِاسْتِمْرَارِ حَتَّى تُجَاوِزَ الْعَشَرَةَ وَذَلِكَ الشَّرْطُ غَيْرُ ثَابِتٍ فَتَيَقَّنَّاهَا حَائِضًا لَا تُؤْمَرُ بِالِاغْتِسَالِ وَالصَّلَاةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهَا فَإِنْ جَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَحِينَئِذٍ تُؤْمَرُ بِقَضَاءِ مَا تَرَكَتْ مِنْ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ أَيَّامِ عَادَتِهَا، وَاعْتُبِرَ هَذَا بِالْمُبْتَدَأَةِ لَا تُؤْمَرُ بِالِاغْتِسَالِ وَالصَّلَاةِ مَعَ رُؤْيَةِ الدَّمِ مَا لَمْ تُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ.
وَمِمَّا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الْمَسَائِلِ امْرَأَةٌ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ خَمْسَةٌ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ فَرَأَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَمًا فِي أَيَّامِهَا ثُمَّ انْقَطَعَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ أَوْ سِتَّةَ أَيَّامٍ ثُمَّ رَأَتْهُ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ فَخَمْسَتُهَا الْمَعْرُوفَةُ هِيَ الْحَيْضُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِنَاءً عَلَى جَوَازِ خَتْمِ الْحَيْضِ بِالطُّهْرِ، وَإِنْ طَهُرَ مَا دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي عِنْدَهُ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الثَّلَاثَةُ الْأُولَى هِيَ الْحَيْضُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى خَتْمَ الْحَيْضِ بِالطُّهْرِ، وَلَوْ أَنَّهَا رَأَتْ فِي أَوَّلِ الْعَشَرَةِ يَوْمَيْنِ دَمًا وَفِي آخِرِهَا يَوْمَيْنِ دَمًا فَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ بُرْهَانُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ قَوْلَهُ خَمْسَتُهَا حَيْضٌ إذَا كَانَ الْيَوْمَانِ الْآخَرَانِ هُمَا الْيَوْمُ الْعَاشِرُ وَالْحَادِيَ عَشَرَ أَمَّا إذَا كَانَ الْيَوْمَانِ التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ فَالْكُلُّ حَيْضٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ غَالِبٌ فَصَارَ فَاصِلًا بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا فَإِنْ لَمْ تَرَ فِي أَوَّلِهَا يَوْمَيْنِ دَمًا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ رَأَتْ فِي أَوَّلِهَا يَوْمَيْنِ دَمًا، وَرَأَتْ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ وَالْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ دَمًا كَانَتْ خَمْسَتُهَا هِيَ الْحَيْضُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ قَاصِرٌ، فَهُوَ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ هِيَ الْحَيْضُ بِطَرِيقِ الْبَدَلِ فَإِنَّ الْإِبْدَالَ مُمْكِنٌ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى بَعْدَهُ إلَى مُدَّةِ حَيْضِهَا الثَّانِي مُدَّةَ طُهْرٍ كَامِلٍ فَإِنْ رَأَتْ فِي أَوَّلِ خَمْسَتِهَا يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا حَتَّى جَاوَزَ الْعَشَرَةَ كَانَتْ خَمْسَتُهَا حَيْضًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْخَمْسَةِ وَخَتْمَهَا كَانَ بِالدَّمِ، وَالطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ قَاصِرٌ فَإِنْ طَهُرَتْ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ ثُمَّ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا حَتَّى جَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَالْيَوْمُ جَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ لَيْسَ بِحَيْضٍ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ دَمٌ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ طُهْرٌ، وَإِنَّمَا جَوَّزَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ابْتِدَاءَ الْحَيْضِ بِالطُّهْرِ بِشَرْطِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ، وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْ أَيَّامِهَا حَيْضٌ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى خَتْمَ الْحَيْضِ بِالطُّهْرِ إلَّا إذَا تَعَقَّبَ دَمًا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ حَيْضُهَا ثَلَاثَةٌ وَهِيَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ مِنْ أَيَّامِهَا فَإِنَّ الْخَامِسَ كَانَ طُهْرًا، وَهُوَ لَا يَرَى خَتْمَ الْحَيْضِ بِالطُّهْرِ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْعَشَرَةِ كَانَ مَا بَعْدَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَيْضًا كُلُّهُ، وَإِنْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا قَبْلَ رَأْسِ الشَّهْرِ وَمِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ يَوْمًا طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا إلَى تَمَامِ الْعَشَرَةِ فَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ وَجَمِيعُ ذَلِكَ حَيْضٌ إلَى الْيَوْمِ الْعَاشِرِ فَإِنَّهَا لَمْ تَرَ فِيهِ دَمًا، وَلَا بَعْدَهُ وَمَا سِوَى ذَلِكَ وُجِدَ فِيهِ شَرْطُ الْإِمْكَانِ فَجُعِلَ حَيْضًا، وَإِنْ جَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَخَمْسَتُهَا الْمَعْرُوفَةُ هِيَ الْحَيْضُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ حَيْضُهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَهِيَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ مِنْ مَعْرُوفِهَا؛ لِأَنَّهَا طَهُرَتْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالْخَامِسِ، وَهُوَ لَا يَرَى بِدَايَةَ الْحَيْضِ وَلَا خَتْمَهُ بِالطُّهْرِ وَبَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَأْتِي بَيَانُهُ فِي فَصْلٍ يُفْرَدُ لَهُ (بَابٌ فِي تَقْدِيمِ الْحَيْضِ وَتَأْخِيرِهِ) اعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَةَ الْعَادَةِ إذَا رَأَتْ قَبْلَ عَادَتِهَا دَمًا، فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فِي وَجْهٍ هُوَ حَيْضٌ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي وَجْهٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَفِي وَجْهٍ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّهَا إذَا رَأَتْ قَبْلَ أَيَّامِهَا مَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا بِانْفِرَادِهِ، وَرَأَتْ فِي أَيَّامِهَا مَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا بِانْفِرَادِهِ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْكُلُّ عَشَرَةً فَالْكُلُّ حَيْضٌ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ مَا رَأَتْهُ قَبْلَ أَيَّامِهَا غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ فَيُجْعَلُ تَبَعًا لِمَا رَأَتْهُ فِي أَيَّامِهَا وَذَكَرَ فِي نَوَادِرِ الصَّلَاةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مُطْلَقًا أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ لَا يَكُونُ حَيْضًا وَلَكِنَّ تَأْوِيلَهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا بِانْفِرَادِهِ وَبَعْضُ أَئِمَّةِ بَلْخِي أَخَذُوا بِالظَّاهِرِ فَقَالُوا: الْمُتَقَدِّمُ عِنْدَهُ لَا يَكُونُ حَيْضًا عَلَى حَالٍ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَنْكَرٌ مَرْئِيٌّ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فَثَلَاثَةُ فُصُولٍ.
أَحَدُهَا أَنْ تَرَى قَبْلَ خَمْسَتِهَا الْمَعْرُوفَةِ خَمْسَةً أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ لَا تَرَى فِي خَمْسَتِهَا شَيْئًا أَوْ رَأَتْ قَبْلَ خَمْسَتِهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، وَمِنْ أَوَّلِ خَمْسَتِهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ جَعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ حَيْضًا مَا لَمْ يَجْتَمِعَا فَفِي كِتَابِ الصَّلَاةِ قَالَ: الْكُلُّ حَيْضٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى الْخِلَافِ فِي نَوَادِرِ الصَّلَاةِ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْحَيْضَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْإِمْكَانِ وَالْمُتَقَدِّمُ قِيَاسُ الْمُتَأَخِّرِ فَكَمَا جَعَلَ الْمُتَأَخِّرَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ حَيْضًا فَكَذَلِكَ الْمُتَقَدِّمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: الْمُتَقَدِّمُ دَمٌ مُسْتَنْكَرٌ مَرْئِيٌّ قَبْلَ وَقْتِهِ فَلَا يَكُونُ حَيْضًا كَالصَّغِيرَةِ جِدًّا إذَا رَأَتْ الدَّمَ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ الْحَيْضِ لَهَا ابْتِدَاءً، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِمَا لَيْسَ بِمَعْهُودٍ لَهَا مَا لَمْ يَتَأَكَّدْ بِالتَّكْرَارِ؛ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ قَامَتْ عَلَى أَنَّ الْعَادَةَ لَا تَنْتَقِلُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ بِخِلَافِ الْمُتَأَخِّرِ فَإِنَّ الْحَاجَةَ هُنَاكَ إلَى إبْقَاءِ مَا ثَبَتَ مِنْ صِفَةِ الْحَيْضِ وَالْإِبْقَاءِ لَا يَسْتَدْعِي دَلِيلًا مُوجِبًا، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ إذَا رَأَتْ قَبْلَ أَيَّامِهَا مَا يَكُونُ حَيْضًا بِانْفِرَادِهِ، وَرَأَتْ أَيَّامَهَا مَعَ ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَشْكُلُ أَنَّ الْكُلَّ حَيْضٌ إذَا لَمْ يُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ اعْتِبَارًا لِلْمُتَقَدِّمِ بِالْمُتَأَخِّرِ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رِوَايَتَانِ فِيهِ رَوَى الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْكُلَّ حَيْضٌ وَمَا رَأَتْ فِي أَيَّامِهَا يَكُونُ أَصْلًا لِكَوْنِهِ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ فَيَسْتَتْبِعُ مَا تَقَدَّمَ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُتَقَدِّمُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ أَيَّامَهَا حَيْضٌ فَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُ فَحُكْمُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى مَا تَرَى فِي الشَّهْرِ الثَّانِي فَإِنْ رَأَتْ مَا رَأَتْهُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ تَبَيَّنَّ أَنَّهُ كَانَ حَيْضًا، وَانْتَقَلَتْ عَادَتُهَا بِالتَّكْرَارِ، وَإِنْ رَأَتْ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي فِي أَيَّامِهَا، وَلَمْ تَرَ قَبْلَ أَيَّامِهَا تَبَيَّنَّ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَنْكَرٌ مَرْئِيٌّ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَهُوَ نَفْسُهُ مُسْتَقِلٌّ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ تَبَعًا لِأَيَّامِهَا بِخِلَافِ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ فَإِذَا جَاءَتْ الْمَرْأَةُ تَسْتَفْتِي أَنَّهَا تَرَى الدَّمَ قَبْلَ أَيَّامِهَا فَعِنْدَهُمَا تُؤْمَرُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ إذَا كَانَ الْبَاقِي مِنْ أَيَّامِ طُهْرِهَا مَا لَوْ ضُمَّ إلَى أَيَّامِهَا لَمْ يُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ؛ لِأَنَّهَا تَرَى الدَّمَ عَقِيبَ طُهْرٍ صَحِيحٍ فَكَانَ حَيْضًا لِلْإِمْكَانِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ طُهْرِهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ تُؤْمَرْ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُتَقَدِّمَ لَيْسَ بِحَيْضٍ لِكَوْنِهِ مُسْتَقِلًّا فِي نَفْسِهِ فَلَا تَسْتَتْبِعُهُ أَيَّامَ حَيْضِهَا، وَإِنْ كَانَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَعَلَى قَوْلِ أَئِمَّةِ بَلْخِي تُؤْمَرُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ، وَعَلَى قَوْلِ أَئِمَّةِ بُخَارَى لَا تُؤْمَرُ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُتَقَدِّمَ عِنْدَهُ لَا يَكُونُ حَيْضًا إلَّا بِشَرْطِ أَنْ تَرَى فِي أَيَّامِهَا مَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا بِانْفِرَادِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ هَذَا الشَّرْطُ بَعْدُ فَلَا تُؤْمَرُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ نَظِيرُ الِاخْتِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ فَأَمَّا فِي الْمُتَأَخِّرِ إنْ رَأَتْ أَيَّامَهَا وَرَأَتْ بَعْدَ أَيَّامِهَا أَيْضًا، وَلَمْ يُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ فَالْكُلُّ حَيْضٌ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ أَيَّامِهَا فِي حُكْمِ التَّبَعِ لِأَيَّامِهَا وَيَسْتَقِيمُ إثْبَاتُ التَّبَعِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَإِنْ لَمْ تَرَ أَيَّامَهَا وَرَأَتْ بَعْدَ أَيَّامِهَا مَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا أَوْ رَأَتْ فِي أَيَّامِهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَبَعْدَ أَيَّامِهَا مِثْلَ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ جَعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ حَيْضًا وَيُمْكِنُ جَعْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ حَيْضًا فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ ذَلِكَ حَيْضٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْإِمْكَانِ وَذَكَرَ أَبُو سَهْلِ الْفَرَائِضِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رِوَايَةً أُخْرَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى مَا تَرَى فِي الشَّهْرِ الثَّانِي فَإِنْ رَأَتْ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي فِي أَيَّامِهَا تَبَيَّنَّ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا وَانْتَقَلَتْ بِهِ عَادَتُهَا، وَإِنْ رَأَتْ قَبْلَ أَيَّامِهَا وَفِي أَيَّامِهَا، وَبَعْدَ أَيَّامِهَا فَعَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى حُكْمُ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ سَوَاءٌ لَا يُفْصَلُ الْبَعْضُ عَنْ الْبَعْضِ وَلَكِنْ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْكُلُّ عَشَرَةً فَالْكُلُّ حَيْضٌ، وَإِنْ جَاوَزَ كَانَ حَيْضُهَا أَيَّامَ عَادَتِهَا دُونَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ أَيَّامَهَا تَصِيرُ فَاصِلَةً بَيْنَ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْمُتَقَدِّمُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ أَيَّامُهَا وَمَا تَأَخَّرَ فَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ فَالْكُلُّ حَيْضٌ، وَإِنْ جَاوَزَ فَحَيْضُهَا أَيَّامُهَا وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّهُ يَنْظُرُ إلَى قَدْرِ الْمُتَقَدِّمِ فَإِنْ كَانَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ لَا يُفْصَلُ عَنْ أَيَّامِهَا وَالْجَوَابُ فِيهِ كَمَا قَالَا إنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْكُلُّ الْعَشَرَةَ فَالْكُلُّ حَيْضٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَقَدِّمُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ يَصِيرُ فَاصِلًا فَيَنْظُرُ إلَى أَيَّامِهَا وَمَا تَأَخَّرَ خَاصَّةً، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ إذَا كَانَ لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ يُجْعَلُ حَيْضًا تَبَعًا لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَقَلَّ بِنَفْسِهِ وَأَمَّا إذَا رَأَتْ قَبْلَ أَيَّامِهَا وَلَمْ تَرَ فِي أَيَّامِهَا شَيْئًا، وَرَأَتْ بَعْدَ أَيَّامِهَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا جَاوَزَ الْكُلُّ الْعَشَرَةَ فَحَيْضُهَا أَيَّامُهَا؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ زَمَانَ الطُّهْرِ حَيْضًا بِإِحَاطَةِ الدَّمَيْنِ بِهِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَيْضُهَا مَا تَقَدَّمَ إنْ أَمْكَنَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَحَيْضُهَا مَا تَأَخَّرَ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَجْعَلُ الْمُتَأَخِّرَ حَيْضًا وَعَلَى مَا ذَكَرَ أَبُو سَهْلِ الْفَرَائِضِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى مَا تَرَى فِي الشَّهْرِ الثَّانِي.
وَعَلَى هَذَا بَنَى مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَوَّلَ الْبَابِ فَقَالَ: امْرَأَةٌ كَانَ حَيْضُهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ فَرَأَتْ قَبْلَهَا خَمْسَةً دَمًا وَطَهُرَتْ أَيَّامَهَا ثُمَّ رَأَتْ بَعْدَ ذَلِكَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَأَيَّامُهَا الْمَعْرُوفَةُ هِيَ الْحَيْضُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ: رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْمُتَقَدِّمُ هُوَ الْحَيْضُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ رَأَتْ يَوْمَيْنِ دَمًا مِنْ أَوَّلِ أَيَّامِهَا مَعَ ذَلِكَ أَوْ مِنْ آخِرِ أَيَّامِهَا؛ لِأَنَّ مَا رَأَتْهُ فِي أَوَّلِ أَيَّامِهَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا بِانْفِرَادِهِ، وَإِنْ رَأَتْ ثَلَاثَةً دَمًا فِي أَيَّامِهَا مَعَ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ مِنْ آخِرِهَا كَانَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ الْحَيْضُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّهَا رَأَتْ فِي أَيَّامِهَا مَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا بِانْفِرَادِهِ، وَإِنْ كَانَ حَيْضُهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ فَتَقَدَّمَ حَيْضُهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ طَهُرَتْ أَيَّامَهَا فَلَمْ تَرَ فِيهَا وَلَا فِيمَا بَعْدَهَا دَمًا فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ اسْتِحَاضَةٌ إلَّا أَنْ يُعَاوِدَهَا الدَّمُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْحَالَةِ أَحَدَ عَشَرً يَوْمًا أُخَرَ فَإِنْ عَاوَدَهَا كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ الْأَيَّامِ الْأُوَلِ مِنْ أَوَّلِهَا حَيْضًا وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا الْأُخْرَى حَيْضًا مِنْ أَوَّلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْإِبْدَالَ فَجَعَلَ حُكْمَ ذَلِكَ مَوْقُوفًا فَإِنْ تَأَكَّدَ بِالتَّكْرَارِ انْتَقَلَتْ بِهِ الْعَادَةُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ انْتِقَالَ الْعَادَةِ يَحْصُلُ بِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ فِي أَيَّامِهَا مَرَّتَيْنِ فَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ الْأَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا الْأَوَّلُ حَيْضٌ بِطَرِيقِ الْبَدَلِ؛ لِأَنَّهُ مَرْئِيٌّ عَقِيبَ طُهْرٍ صَحِيحٍ وَحُكْمُ انْتِقَالِ الْعَادَةِ بِهِ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى مَا تَرَى فِي الشَّهْرِ الثَّانِي كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ حَيْضُهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ فَحَاضَتْهَا ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ إلَى تَمَامِ الشَّهْرِ ثُمَّ انْقَطَعَ فِي خَمْسَتِهَا ثُمَّ اسْتَمَرَّ بَعْدَهَا فَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ حَيْضُهَا خَمْسَتُهَا لِإِحَاطَةِ الدَّمِ بِجَانِبَيْهَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ حَيْضُهَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ أَيَّامِهَا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِبْدَالِ فِي الْمُتَقَدِّمِ أَنْ يَكُونَ مَرْئِيًّا عَقِيبَ طُهْرٍ صَحِيحٍ لَا اسْتِمْرَارَ فِيهِ، وَلَمْ يُوجَدْ فَكَانَ الْإِبْدَالُ بَعْدَ أَيَّامِهَا؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى بَعْدَ الْإِبْدَالِ إلَى مَوْضِعِ حَيْضِهَا الثَّانِي مُدَّةَ طُهْرٍ تَامٍّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ اسْتِمْرَارٌ، وَإِنْ لَمْ تَرَ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّهَا رَأَتْ خَمْسَةً قَبْلَ أَيَّامِهَا دَمًا، وَطَهُرَتْ أَيَّامَهَا فَتِلْكَ الْخَمْسَةُ هِيَ الْحَيْضُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِوُجُودِ شَرْطِ الْإِبْدَالِ فِي الْمُتَقَدِّمِ فَإِنْ رَأَتْ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ تِلْكَ الْخَمْسَةَ وَأَيَّامَهَا الْمَعْرُوفَةَ وَزِيَادَةَ يَوْمٍ دَمًا فَحَيْضُهَا الْخَمْسَةُ الْمَعْرُوفَةُ؛ لِأَنَّ انْتِقَالَ الْعَادَةِ لَا يَحْصُلُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ فَإِنْ لَمْ تَرَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّهَا رَأَتْ الْخَمْسَةَ الَّتِي قَبْلَ أَيَّامِهَا، وَطَهُرَتْ أَيَّامَهَا وَطَهُرَتْ بَعْدَ أَيَّامِهَا ثُمَّ رَأَتْ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ تِلْكَ الْخَمْسَةَ وَخَمْسَتَهَا وَزِيَادَةَ يَوْمٍ فَحَيْضُهَا هِيَ الْخَمْسَةُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ انْتِقَالَ الْعَادَةِ حَصَلَ بِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ فِي أَيَّامِهَا مَرَّتَيْنِ وَكَذَلِكَ إنْ طَهُرَتْ فِي أَيَّامِهَا مَرَّتَيْنِ وَلَمْ تَرَ فِي غَيْرِهَا دَمًا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ خَمْسَةً قَبْلَ أَيَّامِهَا وَفِي أَيَّامِهَا وَزِيَادَةَ يَوْمٍ فَحَيْضُهَا خَمْسَةٌ مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ لِانْتِقَالِ الْعَادَةِ فِي الْمَوْضِعِ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ مَرَّتَيْنِ.
وَإِنْ كَانَتْ طَهُرَتْ فِي أَيَّامِهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَحَيْضُهَا هِيَ الْخَمْسَةُ الْمَعْرُوفَةُ؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ لَا يَحْصُلُ بِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ مَرَّةً إلَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَرَ قَبْلَ أَيَّامِهَا، وَلَا فِي أَيَّامِهَا، وَرَأَتْ بَعْدَهَا خَمْسَةً دَمًا ثُمَّ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ طَهُرَتْ خَمْسَتُهَا، وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَأَيَّامُهَا خَمْسَةٌ مِنْ حِينِ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ لِانْتِقَالِ الْعَادَةِ إلَى مَوْضِعِ الرُّؤْيَةِ بِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَيَّامَهَا مَرَّتَيْنِ.
(قَالَ): فِي الْكِتَابِ وَمَا بَعْدَهَا طُهْرٌ إلَى تَمَامِ الشَّهْرِ مِنْ حِينِ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ ثُمَّ تَكُونُ حَائِضًا وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ غَلَطٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ بَعْدَ مَا تَتْرُكُ خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ تُصَلِّي ثَلَاثِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ عَادَتَهَا فِي الطُّهْرِ قَدْ انْتَقَلَتْ إلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِرُؤْيَتِهِ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْوَلَاءِ فَفِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ طَهُرَتْ خَمْسَتُهَا بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ طُهْرِهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَذَلِكَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَتْ خَمْسَةً ثُمَّ طَهُرَتْ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ، وَذَلِكَ عِشْرُونَ يَوْمًا وَطَهُرَتْ خَمْسَتَهَا وَخَمْسَةً بَعْدَ خَمْسَتِهَا فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ فَذَلِكَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا فَعَلِمْنَا أَنَّهَا طَهُرَتْ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْوَلَاءِ ثَلَاثِينَ فَانْتَقَلَتْ عَادَتُهَا فِي الطُّهْرِ إلَى هَذَا فَعَلَيْهِ تَبْنِي فِي زَمَانِ الِاسْتِمْرَارِ.
(قَالَ) الْحَاكِمُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ جَوَابِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهَا لَمَّا طَهُرَتْ أَيَّامَهَا الْمَعْرُوفَةَ مَرَّتَيْنِ كَانَ حَيْضُهَا مُنْتَقِلًا إلَى حَيْثُ تَرَى الدَّمَ فَلَمَّا رَأَتْهُ فِي الْخَمْسَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الشَّهْرِ صَارَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ وَقْتَهَا وَكَانَ حُكْمُهَا كَالَّتِي تُدْرَكُ فَحَيْضُهَا مِنْ أَوَّلِ الْإِدْرَاكِ أَوْ كَاَلَّتِي انْتَقَلَتْ عَادَتُهَا بِالْحَبَلِ عَنْ مَوْضِعِ عَادَتِهَا فَإِذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى هَذِهِ الْخَمْسَةِ مِنْ الشَّهْرِ الْآخَرِ فَقَدْ انْتَهَتْ إلَى مَعْرُوفِهَا، وَهِيَ تَرَى الدَّمَ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ حَيْضًا وَلَمْ يَحْصُلْ بَيْنَ هَذِهِ الْخَمْسَةِ وَبَيْنَ الْخَمْسَةِ الْأُولَى مِنْ حِسَابِ الطُّهْرِ إلَّا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا فَلِذَلِكَ أَجَابَ بِمَا أَجَابَ بِهِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ فِي حَقِّ الْمُبْتَدَأَةِ لَيْسَ لَهَا فِي الطُّهْرِ عَادَةٌ تَبْنِي عَلَى تِلْكَ الْعَادَةِ، وَلِهَذِهِ فِي الطُّهْرِ عَادَةٌ مُتَأَكَّدَةٌ بِالتَّكْرَارِ وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا فَلَا يَجُوزُ النُّقْصَانُ عَنْهُ فِي زَمَانِ الِاسْتِمْرَارِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: مُرَادُهُ مِمَّا قَالَ وَمَا بَعْدَهَا طُهْرٌ إلَى تَمَامِ الشَّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ بَعْدَ مَا مَضَى عَشَرَةُ أَيَّامٍ مِنْ الشَّهْرِ فَإِنْ تَرَكَتْ خَمْسَةً بَقِيَ إلَى تَمَامِ الشَّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَتُصَلِّي فِيهَا ثُمَّ تَدَعُ خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ فَقَدْ قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَمَا بَعْدَهَا طُهْرٌ إلَى تَمَامِ الشَّهْرِ مِنْ حِينِ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَإِنَّمَا الدَّمُ جُعِلَ أَوَّلَ الشَّهْرِ فِي حَقِّهَا مِنْ وَقْتِ الِاسْتِمْرَارِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ غَلَطٌ لِمَا بَيَّنَّا.